domingo, 27 de mayo de 2012

فنان


أعجبتنى اللوحة التى يرسمها، فطفقت أتابع كلما يضيف إليها، وأرقب كل ثنية وكل بعد وكل نقطة وكل تدرج فى الألوان التى لم تكن تتدرج إلا فى الجزء الأسفل من اللوحة، بينما فى الجزء الأعلى والأكثر ظهورا، يبدو جزء كبير منها كما لو كان متسقا، لأن الألوان فيه لم تكن تختلف لتتمايز، فلم يكن هناك مثلا أبيض وأسود، اختزلهما إلى اللون الرمادى، وكذلك الوسط بين الأبيض والأصفر كان يظهر فى الأماكن التى تحتاج فيها لأحد اللونين واضحا شديد الوضوح، ولكنه فيما يبدو قد تعمد هذا، فالفنان الماهر لا تفوته مثل هذه الأصول، ثم إنه أصلا رسام، وأدواته هى الألوان، وهو بالفعل يجيد تنسيقها واللعب بها، فاجأنا بدندنته بأبيات شعر لصلاح جاهين تبينت منها:
اقلع غماك ياتور وارفض تلف
واكسر تروس الساقية واشتم وتف
قال بس خطوة كمان وخطوة كمان
يااوصل نهاية السكة يالبير تجف
ثم استدار إلى وعلق قائلا:
- كان صلاح جاهين يحث الشعب المصرى على الثورة، وها قد جاءت الثورة بعد أن انتظر الثور قرابة الثلاثين عاما حتى يصل نهاية الطريق، أو أن تجف البئر، قامت الثورة حين اكتشف الثور أن البئر التى شاخت وكادت بالفعل تجف، بعد أن أفنى زهرة عمره ينتظر جفافها، وشعر بالأرض تحت قدميه تشتكى كثرة "لفه" فانتظر استغاثتها التى ستنبئ ببداية خلع الغما، ولكنه وجد أن البئر قد حفر غيرها، وأن الطريق حولها قد تم تمهيدها بما لا يحتمل أى أمل فى خلع الغما أو التوقف عن اللف، فقرر أن يخلع "غماه" بنفسه، فكانت الثورة، ولكن ماذا بعد أن قامت الثورة؟
رد أحد أصدقائنا المغرمين بكرة القدم، صديق يبدو للوهلة الأولى غريبا فى تبريره لميوله، فهو يقول إنه يحب كل مايقترب من الأرض وبخاصة إذا اقترن بالقدم، قال:
- قامت الثورة، وتم إخلاء أرض الملعب تدريجيا، وقام البعض بكنس الملعب، وبدأت المباراة الجديدة التى لاتنفصل عن دورى المباراة الأولى التى كان يلعبها شخص واحد مع أقرانه بدون فريق منافس، وبدون حراس مرمى. لم تكن مباراة معتادة للمشاهدين، ولا تخضع حتى لقوانين الكرة، فقد بدت منذ البداية كأنها العبث أو فترة التسلية بين شوطين، فقد نزل الإخوان والسلفيون والليبراليون أرض الملعب، وحمى الوطيس، وحقق الإخوان عدة أهداف بانفرادات، ثم فجأة قطع الكرة الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل وعلا الهتاف والتهليل، وتقدم الشيخ حازم، وظل يتقدم ويتقدم، ولكن فجأة علا صوت من بين لجنة التحكيم، أن الشيخ حازم أصلا لم يكن يصلح أن ينزل أرض الملعب، وقالوا بالبلدى "بوظى يالعبة" وحازم يحلف والمشجعون يصرخون،و دون أى توقع ظهر الفلول بشكل يبدو غير نظامى وهاهى لجنة التحكيم التى كانت تبدى تعاطفا مع الإخوان صارت "تطرقع للجميع" و "تطبطب على الفلول" كالرضيع الذى بعد أن هده البكاء استطاع العثور على ثدى أمه بين كومة كبيرة من ألعابه.
- الصورة غير مكتملة أيها الرسام، ألاحظ أنك فى أولها رسمت شعاع ضوء يريد أن يخرج من مصباحه، وبعد ثلاثين سنة خرج على أيدى من أظنهم الثوريين. وقد كانوا أثناء المباراة مجرد مشجعين، وفجأة ظلت أصواتهم تخفت وتخفت حتى اختفت
- ألا ترى هذا الذى يمسكه الفلول فى أيديهم؟
- بالفعل أراه، ولكن لا أدرى ماهو؟
- إنه نفس الغما الذى كان على عينى الثور منذ ثلاثين سنة!!!
- ولكن كيف استطاع أن يضعه على أعين كل المشاهدين؟
- لم يكن معلق المباراة يقول الحقيقة، ولكنه كان يخلط الأمور حتى سحر أعين الناس
-لم تجبنى أيها الرسام، أين الثوريون؟
فناولنى الرسام ساعتها مذكرة قديمة كنت دونت فيها بخط يدى تحليلا لمدى الاتساق الفنى بين ألحان وكلمات أغنية رسالة من تحت الماء لعبد الحليم حافظ وقد أشار بأصبعه إلى الفقرة التى كنت أقول فيها (استطاع الملحن أن يسمعنا صوت الهواء الجميل على الشاطئ مع صوت عبث الأمواج بحصى الشاطئ، ثم بالتدريج خطى البطل تجاه البحر، والتى بدأ يظهر فيها من خلال الأصوات ارتطام الموج بخطى البطل وتعمقه فى الماء حتى وصل إلى دوامات كان كلما يقترب منها يعلو صوت البحر ويخفت صوت الهواء حتى انعدم صوت الهواء تماما، وتبدلت قمة سعادة البطل التى كانت تتمثل فى تلك الألحان اللولبية التى تزغزغ المشاعر، إلى قلق وخوف جسدته الأصوات الحلزونية التى عبرت عن تلك الدوامات التى تسحبه نحو الأعماق، وإذا به يحاول التنفس فلا يجد الهواء، ويجد نفسه يغرق فى قاع البحر، ثم يفصح لنا عبد الحليم عن حقيقة القصة حين يقول: "إن كنت حبيبى أنقذنى من هذا اليم") وفوجئت بالرسام يسألنى أين ذهب صوت الهواء؟


بينما كان يتحدث إلى، كانت يداه تضرب بالأسود على أعلى الصورة، لم أنتبه لحركة يديه ويبدو أنه هو الآخر كان كذلك، ولكنى خرجت من التركيز فى البحث عن الهواء أو عن الثوار، صرخت فيه ليتوقف لأنه أفسد اللوحة تماما -من وجهة نظرى- لقد صبغ سماءها بالأسود، وسماء مصر دائما صافية يُضرب بزرقتها المثل. ابتسم الفنان، وألقى بالألوان على الطاولة، ثم رفع اللوحة، ووضعها تحت لوحة أخرى يجسد فيها عدة أشخاص على منضدة يتبادلون الحديث بينما يتلذذون بما لذ وطاب من الفاكهة.
تعجبت للتناقض بين اللوحتين. فقال لا تعجب، إنه النصف الآخر من اللوحة.
1

نتيجة الانتحابات فى المرحلة الأولى.

                           
   بعد أن انتخبت، حقا انتحبت، وظللت أنتحب وأنتحب لما رأيت فى المنام:
 حلمت قال خير اللهم اجعله خير، شفشق راكب كارتة وبيتمشى ع الكورنيش، جايبها من صعيدها لبحرها، بس الكارتة اللى هو راكبها غريبة جدا، بيجرها خمسة وتمانين مليون حمار، وشفشق مطلع لسانه وبيكايدهم، وماسك فى إيده جزمة، وبيقول اللى هاتطلع الجزمة دى مقاسه، يتشاهد على نفسه وعلى مليون حمار من اللى حواليه. ورا الكارتة ماشيين جماعة حافيين، منهم ناس بدقون وناس من غير دقون، عمالين يعيطوا ويصرخوا، وشفيق يقول لهم "هى خطبتنى" يقولولوا "والله غصبن عنها" يقول لهم "أبدا، دا أبوها موافق" يعيطوا ويعيطوا... ووراهم واحد راكب جرار، قال يعنى جرار زراعى، لما طلع النهار لقيوه دبابة، وعليها عسكر مهرة. والناحية التانية ع الكورنيش جماعة سابقين الموكب بمسافة، بيكنسوا الأرض وبيشيلوا الحجارة عشان الحمير ماتعفرش على سيدهم وهم ماشيين، صحيت من النوم لما ماستحملتش أشوف النيل بيبكى وينتحب من غير دموع، لأنهم حبسوا دموعه ورا السد من سنيييييييييييييين!!!!!!!!!!!! 

استفتاح


                                            كتبت وقد أيقنت يوم كتابتـــــى           بأن يدى تفنى ويبقى كتابهـــا
                                            فإن كتبت خيرا ستجزى بمثله          وإن كتبت شرا عليها حسابها