martes, 7 de octubre de 2014

رسالة سياتل (فيديو)

أحدى صيغ نص رسالة سياتل "إلقاء إسبانى"

نص رسالة سياتل إلى الرئيس فرانكلين بيرس ردا على طلبه لترحيل الهنود الحمر إلى محمية فى شمال غرب واشنطن والاستيلاء السلمى على أراضيهم...

رد سياتل بخطاب على طلب فرانكلين بيرس، فالتقط منه د. هنرى سميث مقتطفات بكى وهو يكتبها، وكان يعرف لغة الدواميش، وصاغ مقتطفاته باللغة الإنجليزية، وأعاد صياغتها كاتب السيناريو التليفزيونى تيد بيرى Ted Perry فى سنة 1970 كالآتى: 

"رئيس واشنطن الأبيض العظيم أرسل إلينا ليخبرنا بأنه يريد أن يشترى بلادنا. الرئيس العظيم الأبيض يرسل إلينا أيضا بكلمات الصداقة والنيات الحسنة. نشكر له حسن ذوقه، فنحن نعرف أن صداقتنا لاتهمه كثيرا. سنحترم ما يعرضه علينا، فنحن نعلم أننا إن لم نفعل فإن ذلك الرجل الأبيض يستطيع أن يأتى بأسلحته النارية ويسلبنا أرضنا. لرئيس واشنطن الأبيض العظيم أن يثق فى كلمات الزعيم سياتل ثقته فى تداول فصول السنة. كلماتى ثابتة وجلية كالنجوم.
كيف يمكن شراء أو بيع السماء، أو دفء الأرض؟ تلك أفكار نستغربها. إذا لم يكن لأحد أن يمتلك عذوبة الهواء أو تدفق الماء. فكيف بالله تقترحون شراءها؟
إن كل رقعة فى هذة الأرض مقدسة لدى شعبى. كل فرع صنوبر متألق فيها، كل حفنة من رمل على سواحلها، ظلال غاباتها الكثيفة، كل شعاع من ضوء، وحتى طنين الحشرات، كلها مقدسة ومحفورة فى نفوس وذاكرة كل أهل بلدتى.  إن نسيج أجسام الشجر فيها يحمل تاريخ الرجل ذى الجلد الأحمر.
إن موتى الرجل الأبيض ينسون أوطانهم حين يسرحون بين النجوم. بينما موتانا لاينسون هذه الأرض الجميلة أبداً، لأنها أم الرجل ذى الجلد الأحمر. نحن جزء من الأرض وهى جزء منا. الزهور العطرة أخواتنا، الأيل والخيل و النسر المهيب كلهم إخواننا. إن القمم الصخرية، والقنوات الرطبة التى تجرى بين الحقول، ودفء أبدان المهور والإنسان، الكل ينتمى إلى نفس العائلة.
لذلك، فإن رئيس واشنطن الأبيض العظيم حينما يزعم أنه يريد شراء أرضنا، فقد عز مطلبه. يدعى سيادة الرئيس الأبيض العظيم أنه سيضمن لنا مكانا نعيش فيه راضين. سيكون هو أبونا، وسنكون نحن أبناؤه. وعلى أساس ذلك، فسوف نفكر فى عرضه لشراء أرضنا. وليس ذلك علينا بيسير، فهذه الأرض مقدسة عندنا. إن هذا الماء البراق الذى يتدفق بين الجداول ويجرى فى الأنهار ليس مجرد ماء، وإنما هو دماء أجدادنا. إذا بعناكم هذه الأرض فإنكم لابد أن تذكروا دائماً  أنها مقدسة، ولابد أن تعلموا أولادكم أنها مقدسة. ذلك وأن كل مظهر تعكسه مياة البحيرات الرائقة إنما هو يحكى وقائع وذكريات من حياة شعبى. إن تهامس الأنهار إنما هو صوت أجدادى.
الأنهار إخواننا، تروى طمأنا. الأنهار تُقل قواربنا وتطعم أبناءنا. إذا بعناكم أرضنا فلابد أن تذكروا أنتم وأن تعلموا أبناءكم أن الأنهار إخواننا وإخوانكم، وبناءًا عليه؛ فلابد أن تعاملوا الأنهار كما تعاملون إخوانكم.
نعلم أن الرجل الأبيض لايستوعب عاداتنا. تتساوى عنده أى قطعة أرض وأخرى، فما هو إلا غريب، يأتى ليلاً ليخرج من بطن الأرض مايحتاج. الأرض ليست أخته، وإنما عدوه. بعدما يحتلها، يمضى مواصلا طريقه، تاركا خلفه قبور أجداده، لا يعبأ بذلك. يسلب الأرض حق أبنائها، ولا يكترث.
ينسى مقبرة أبيه ويتناسى حقوق أبنائه. يعامل أمه الأرض وأخته السماء كما لو كُنَّ أشياءًا تُشترى، و تُنهبُ و تُباع، كالخِراف أو التحف المُلَونة. لديه نهم لالتهام الأرض، فلا يتركها إلا صحراء جرداء.

لست أفهم، عاداتنا فى الحياة تختلف عن عاداتكم. ربما يكون ذلك لأنى رجل بدائيٌ ولست أستوعب.
لايوجد مكان هادئ فى مدن الرجل الأبيض، لايوجد مكان يمكن فيه سماع حفيف أوراق الشجر فى الربيع أو طنين أجنحة حشرة طائرة.  ولكن ربما يكون هذا لأننى رجل غابة ولا أستوعب الأمور. إن ضوضاء المدن تبدو كأنها تسب الأسماع.
ماذا يتبقى من الحياة إذا لم يعد يمكن للمرء سماع بكاء الوحدة من طائر، أو نقيق الضفادع ليلاً حول بحيرة؟ أنا رجل ذو جلد أحمر ولست أعى شيئا. الهندى يهيم بدندنة الهواء حين يثير التجاعيد فوق سطح البحيرة، ورائحة الريح الطاهرة غسلها مطر الظهيرة أو تلك التى تأتى محملة بعطر الصنوبر.
إن الهواء شئ مقدس لدى الرجل ذى الجلد الأحمر حيث إن كل الأشياء تتقاسمه. الحيوان والشجر والإنسان، الكل يتقاسم نفْسَ الأنفاس. يبدو وكأن الرجل الأبيض لا يشعر بالهواء الذى يتنفسه، فهو كالميت الذى لا تؤذيه رائحه النتن. بينما إذا بعنا أرضنا للرجل الأبيض، فلابد أن يعرف أن الهواء قيم عندنا، فالهواء يقتسم روحه مع كل حياة يحفظ بقاءها. إن الهواء الذى وهب أسلافنا أول أنفاسهم، هو نفسه الذى تلقى آخر زفراتهم. فإذا بعناكم أرضنا، فلا تمسوها بسوء و حافظوا على قداستها كمكان يستطيع حتى الرجل الأبيض أن يتذوق فيه الهواء المُحَلَّى بزهور المروج.
ولذا، فسوف نتأمل عرضكم لشراء أرضنا. وإذا قررنا القبول، فسأشترط شرطا؛ أن يعامل الرجل الأبيض الحيوانات والأرض معاملَتَهُ إخوانَه.
أنا رجل غابة ولا أستوعب أى طريقة سلوك أخرى. رأيت آلاف الجواميس تتعفن عند السهل، أطلق الرجل الأبيض عليها النار من قطار مارٍ. أنا رجل غابة ولست أستوعب كيف لهذا الحصان الحديدى المثير للدخان أن يكون أهم من الجاموسة، التى نضحى بها فقط لنعيش نحن.
ماقيمة الإنسان بدون الحيوانات؟ إن الحيوانات إذا اختفت، فسيموت الإنسان بسبب وحدة الروح القاسية، فكل ما يصيب الحيوانات، ببساطة سيصيب الإنسان، هناك ترابط فى كل شيئ.
يجب عليكم أن تعلموا أبناءكم أن الأرض من تحت أقدامهم إنما هى رفات أجدادهم، لعلهم يحترمون الأرض. وقولوا لهم أيضا أن الأرض ذاخرة بحياة شعبى. علموا أولادكم ما نعلمه لأولادنا؛ أن الأرض هى أمنا. كل ما يعترى الأرض يصيب أبنائها. فأيما رجل بصق على الأرض فإنما يبصق على نفسه.
هذا هو ما نعرفه، ليست الأرض هى من ينتمى إلى الإنسان، بينما الإنسان هو الذى ينتمى إلى الأرض. هذا هو ما نعرفه؛ كل الأشياء مترابطة فيما بينها كما يربط الدمُ أبناء العائلة الواحدة. هناك ترابط فى كل شيئ.
إن ما يحدث للأرض، سيحدث لأبنائها. إن الإنسان لم ينسج شبكة الحياة؛ وإنما هو مجرد خيط فيها. كل مايفعله فى هذه الشبكة فإنما يفعله فى ذات نفسه.
حتى الرجل الأبيض الذى يتمشى معه إلاهه ويتحدث إليه كالصاحب لصاحبه لايمكن استثناؤه من المصير المشترك. لعلنا نكون إخوة على الرغم من كل شئ، سوف نرى. -نوعا ما- نحن نعرف أن الرجل الأبيض سيكتشف يوما: أن إلهنا هو نفس ذات إلهه.
والآن لعلكم تظنون أنكم تحتكرونه، كما تريدون أن تستحوذوا على أرضنا. ليس ذلك ممكنا. إنه إله البشر، ورحمته بالرجل ذى الجلد الأحمر و الأبيض سواء.
الأرض قيمةٌ، وازدراؤها؛ ازدراءٌ لخالقها. إن الِبيض أيضا سيموتون وربما قبل الأجناس الأخرى. إنكم إذا لوثتم أَسِرَّتكم فستموتون مختنقين برائحة نفاياتكم.
عندما تُجلوننا عن هذه الأرض، فسوف تمتدحون بشدة قوة الإله الذى أتى بكم إلى هذه الأراضى، ولعلة لا يعلمها إلا هو أورثكم الأرض، وعهِد إليكم بأمر الرجل ذى الجلد الأحمر.
هذا المصير يبدو لنا لُغزا –محيرا-، فنحن لا نفهم العلة وراء إبادة الجواميس، وترويض كل الخيول الشجاعة، وأن تُشبع الأركان الخبيئة فى الغابة الكثيفة برائحة الرجال الكثيرين، وأن تعكر أسلاك التليفون منظر الجبال.
مالذى حدث للغابة الكثيفة؟ اختفت.
مالذى حدث للنسر؟ اختفى.
انتهت الحياة، والآن يبدأ البقاء."

نهاية نص تيد بيررى.